لا تقتصر منفعة ترويج دولة لمواقعها السياحية على المسافرين أو الاقتصاد، إذ تعكس هذه الحملات الترويجية أيضًا الفخر بجمال البلاد. حتى عام 2016 عندما دخلت رؤية 2030 حيز التنفيذ، كانت السياحة في المملكة محدودة، حيث كان معظم زوارها يأتون لأداء فريضة الحج والعمرة فقط.

وفي سعيها لاستقطاب 100 مليون زائر بحلول عام 2030، كان من الضروري أن تتخذ المملكة خطوات أسرع وأكثر فعالية. لذلك، حددت المملكة هدفًا استثماريًا بقيمة 810 مليار دولار لتوسيع وتعزيز قطاعات السياحة والثقافة والترفيه في المملكة. وفي عام 2017، خصصت 2.64 مليار دولار لستة مبادرات مختلفة، كما أطلقت أخيراً تأشيراتها السياحية في عام 2019، حيث أصدرت أكثر من 400 ألف تأشيرة في الأشهر الستة الأولى فقط.

وعلى الرغم من الظهور المفاجئ لوباء كوفيد-19، إلا أن المملكة لا تزال تعلّق آمالًا كبيرة على نتائج السياحة على المدى القصير، فبحسب الهيئة السعودية للسياحة، من المتوقع أن يسجل عام 2022 حوالي 62 مليون زيارة محلية ودولية - أي 62٪ من الهدف النهائي - إلى جانب 863,000 فرصة عمل جديدة.

ولا يقع تحقيق خطة السياحة في رؤية 2030 على عاتق الحكومة فحسب، بل على عاتق السكان المحليين أيضاً. ففي نهاية المطاف هذه الجهود تصبّ في مصلحة السكان المحليين والبلد ككل.

عيِّن حجرًا... يصبح أثرًا!

كيف يتم إشراك السكان المحليين في خطة التوسع السياحي؟ جنّدت الهيئة الملكية السعودية لمحافظة العلا خدمات تام من أجل تنفيذ مشروع يضمن شعور السكان المحليين وزوار المدينة بقيمتهم الحقيقية للبلاد. في هذا الإطار، تم إطلاق مسابقة "عيِّن حجر" عام 2018 لتعزيز ورفع مستوى الوعي بجمال مدينة العلا القديمة، ولخلق شعور بالفخر والانتماء بين المشاركين.

تضمنت مسابقة "عيِّن حجر" رحلة إلى صحراء العلا للبحث عن تكوينات صخرية فريدة من نوعها وتصويرها ومنحها اسماً مناسباً. وكما هو الحال في معظم المسابقات، فقد تم تكريم أفضل ثلاثة مشاركين. وتم الإعلان عن المسابقة في تغريدة على حساب الهيئة الملكية لمحافظة العلا على تويتر باللغتين الإنجليزية والعربية - مما أتاح الوصول إلى جمهور أوسع. ومنذ ذلك الحين، بدأت الإعلانات والعروض الترويجية عبر مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية التقليدية والتغطية عبر الإنترنت.

سمح موقع تويتر تحديداً بالوصول إلى أكثر من 40 مليون شخص -أي أكثر بستة ملايين من إجمالي سكان السعودية- وأسفرت المشاركات، التي أتى معظمها من سكان العلا، عن 394 تشكيلاً صخرياً جديداً فريداً من نوعه.

"شكراً شكراً للهيئة الملكية بمحافظة العلا على هذا التنظيم والاعداد الرائع لمسابقة عين حجر، واذا كانت هذه هي البداية فلك أن تتخيل الأيام والليالي المقبلة وما ستكون عليه العلا من الروعة! الآن بدأت العلا تعيش الحلم حقيقة". - محمد القاضي (منشور تويتر)

لم يعتمد نهج التسويق فقط على الأساليب الرقمية، بل أيضًا على الأساليب المباشرة. أقامت المسابقة خلال مهرجان تمور العلا مقصورةً مخصصة دفعت بالمئات لتقديم مشاركاتهم، كما تم وضع مقصورات في الشوارع في مواقع متعددة للتفاعل مع سكان المدينة ودعوتهم شخصياً للمشاركة.

بعد ذلك أجريت عمليتي تصفية: في الأولى، اختارت اللجنة المكونة من ممثلي محافظة العلا وتام أفضل 10 طلبات. أما عملية التصفية الثانية، فأتت بدورها على مرحلتين: التصويت والتحكيم. فُتح باب التصويت للجمهور عبر موقع "عيّن حجر" الالكتروني، وتولت اللجنة مرحلة التحكيم.

أقيمت بعد ذلك الفعالية الختامية التي ضمت 550 ضيفاً تم تقسيمهم إلى فئتين من الجمهور؛ فئة كبار الشخصيات المدعوين (مثل محافظ العلا والمسؤولين الحكوميين والفائزين وعائلاتهم وما إلى ذلك) وفئة الجمهور العام. وشهد الحضور حفل تكريم الفائزين الثلاثة والمتسابقين الخمسة الذين حصلوا على المراتب العليا.

وتباينت ردود فعل الجمهور في مواقع مختلفة من المدينة وعلى مختلف منصات الوسائط المتعددة. ولكن معظم المشاركات تم إرسالها من قبل أولئك الذين يعرفون المنطقة جيداً ويتمتعون بحسٍ عالٍ من المغامرة. وأظهرت عمليات شراء التذاكر والاستفسارات الخاصة بحضور الفعالية الختامية الاهتمام الكبير الذي أبداه الناس بمشاهدة هذه المناسبة الوطنية المليئة بالفخر. وقد كان ذلك جليًا أيضًا خلال جلسة التصويت التي جمعت آلاف الإعجابات على منشورات المتسابقين النهائيين حول المسابق.

التغطية الإعلامية

مراجع إضافية