لا تقتصر رؤية التراث الشعبي فقط على المواقع التراثية، وإنما قد نشاهده في أداء الأفراد وكلماتهم وألحانهم ورقصاتهم، وذلك ما يُعرف "بالفلكلور".
تهتم المملكة العربية السعودية اهتماماً بالغاً بإحياء الموروث الشعبي الوطني وتوثيق تاريخها للأجيال القادمة، حتى أولته جُل اهتمامها وجعلته أحد أكثر الجوانب سيادة في رؤية المملكة 2030.
وصل السكان الأوائل لهذه البلاد منذ حوالي 15000 إلى 20000 عاماً تقريباً، ومنذ ذلك الوقت، استمر التراث السعودي في النّماء والتوسّع إلى آفاقٍ تفوق تخيلاتنا، واليوم، يُدهشنا الفلكلور الشعبي بتنوعاته الثريّة مما يجعلنا غير قادرين على التمييز بين الأداء الطبيعي والمصطنع.
ولتفادي ذلك، وضعت وزارة الثقافة السعودية خطةً لتحويل أكبر قدر ممكن من الموروث الشعبي لقاعدة رقمية ومن ثم مشاركتها مع الجمهور المحلي والعالمي.
مزيجٌ بين الفلكلور الشعبي والروح التنافسية
أحياناً، قد يأتي مردود بعض الفعاليات على صورة ترابط مُجتمعي مُبهر، وذلك ما هدفت إليه وزارة الثقافة حينما أطلقت "مسابقة الفلكلور الشعبي" عام 2019م، على الرغم من اجتياز 26 فائزاً فقط، ولكن لم يكن ذلك هو الهدف الرئيسي وحده.
الفلكلور عبارة عن تناقل المعرفة والعادات والتقاليد والمعتقدات والقصص القديمة عبر الأجيال بالكلمات أو الألحان أو الرقصات، وهل هناك أفضل من الجمع بين الترفيه والثقافة للجمهور في آنٍ واحد؟ ومن هذا المنطلق، استشارت تام خبراء التفاعل لديها لتنظيم مسابقة عملية قادرة على إرضاء الجمهور ومجتمع الفلكلور السعودي في الوقت نفسه.
هدفت المسابقة إلى تشجيع الأفراد والمؤسسات على المشاركة وإحياء الروح التنافسية ونشر البهجة بين أفراد المجتمع والحفاظ على الموروث الشعبي الثقافي، كل ذلك في إطار آمن. كما كانت فرصة مميزة لتشييد قاعدة رقمية توثّق الفلكلور الشعبي، حتى لا يُنسى مع الزمن.
لم نستطع ترك آلاف السنين من التاريخ والموروث السعودي يُنسى ويتلاشى ببساطة، وانطلاقاً من ذلك، بدأنا في الاستعدادات الهامة من تصميم الموقع الإلكتروني الخاص بالمسابقة والتسجيل.
انطلقنا بالتعريف عن المسابقة ونشر معلوماتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام تصاميم الإنفوجرافيك والفيديوهات الدّعَائية والأسئلة التفاعلية والمنشورات ذات النبرة (التعريفية، والتحفيزية، والتسويقية) عبر حساب تويتر لوزارة الثقافة وقناة اليوتيوب، كما تم استخدام منصة SoundCloud لنشر موسيقى الفلكلور.
حققت الجهود التسويقية التي بذلها الفريق في الوصول إلى قاعدة جماهيرية تُقدّر بـ 15.7مليون شخص، ولكن لم يُرضي ذلك طموح وشغف فريق العمل في تام، فكان الوقت المناسب للبدء في تفعيل الطرق التسويقية المباشرة، مثل المكالمات، ورسائل البريد الإلكتروني، والرسائل النصية، والتسويق عبر المؤثرين، وسفراء الفلكلور. كُل ذلك أدى إلى ارتفاع أعداد الوصول إلى الموقع الإلكتروني حتى بلغت 315000 زائر.
شارك في المسابقة 1300 شخص في مساراتها الثلاثة وهي: مسار الموسيقى الشعبية، مسار الرقص الشعبي، مسار الحكايات والأساطير الشعبية. وبالتأكيد مرّت تلك المشاركات بمرحلة التصفية والفرز للتأكد من مطابقتها للمعايير المطلوبة والحفاظ على الوقت، خصصت تام نظاماً محدداً لعلمية التصفية والفرز، وبمجرد انتهاء المرحلة، تم تقييم المشاركات المُتبقية عن طريق سؤال تقييمي والذي نتج عنه قبول 400 مشارك.
بعد ذلك، انتقل المشاركون إلى مرحلة التحكيم حيث تكونت اللجنة من 8 مختصّين في المجال باستخدام نظام فرز رقمي مُخصص، وبعد التقييم النهائي، قرر الحُكام اجتياز 26 فائزاً للمسابقة، 10 في مسار الحكايات، و8 في مسار الرقص الشعبي، و8 في مسار الموسيقى. وأخيراً، تم الإعلان عن الفائزين عبر منصات التواصل الاجتماعي في حساباتهم الشخصية والسفراء والمؤثرين.
"خلال سنوات، كتبت كثيرًا عن الفلكلور وأهميته، واليوم سعيد جدًا ونحن نرى #وزارة_الثقافة تتقدم بخطوات كبيرة لدعم وتوثيق #الفلكلور_الشعبي وذلك لأهميته الكبيرة، ولأن منطقتنا زاخرة بأعظم الفنون. شكرا لكم"
تغريدة/ نايف مدخلي
رابط التغريدة https://twitter.com/naifco/status/1179864454114283529
أُقيمت الاحتفالات افتراضياً، ولم يمنع ذلك من بهجة وسعادة الحاضرين، حتى وإن كان ذلك عبر فيديوهات مُسجلة أو منشورات في منصات التواصل الاجتماعي، ولكن كان للجوائز وقعاً ممتعاً في نفوس الجمهور والمشاركين، ولكن أيضاً نعود لهدف المسابقة الرئيسي وهو المشاركة المجتمعية والمنافسة المرحة في سبيل الحفاظ على الموروث الشعبي الثقافي السعودي.